اكتشاف موقع خفي لنوع من حيوانات الفقمة الأكثر ندرة في العالم

   أعلن علماء بيئيون عن اكتشاف موئل رئيسي يتكاثر فيه أكثر أنواع عجول البحر ندرة في العالم، التي تُعرف بـ ” فقمة الراهب المتوسطية” Mediterranean monk seals، بحيث لم يتبق منها إلا ما يناهز 700 فقمة. ويتشكل هذا النوع من الفصائل النادرة ضمن ثلاث مجموعات أو أربع، لكن نتيجة للسلوكيات السرية لهذه الحيوانات المائية، كان تحديد مواقع تكاثرها – الذي يمكن أن يساعد في جهود الحفاظ عليها – أمراً صعباً.

   إلا أن بحثاً جديداً اعتمد على تركيز كاميرات خاصة داخل كهوف بحرية نائية تميل عادة حيوانات الفقمة إلى أن تضع أطفالها فيها، أدى إلى اكتشاف منطقة تكاثر رئيسية مهددة بخطر الدمار، بسبب أعمال التطوير والعمران التي يقوم بها الإنسان.

  وكان “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة” International Union for Conservation of Nature قد صنف حيوانات الفقمة على أنها مهددة بالانقراض، ونتيجة لنشاط الصيد البحري السابق والضغوط المستمرة التي يسببها، تواجه عجول البحر هذه حال انقراض الآن في كل من البحر الأبيض المتوسط وشمال شرقي المحيط الأطلسي، الموقعين اللذين يشكلان مجالاً حيوياً لها.

   وكان معروفاً أن هذه الأنواع تتجمع وتلد على الشواطئ، شأن أنواع أخرى من حيوانات الفقمة، لكن خلال القرن الثامن عشر غيرت فقمات الراهب المتوسطية الحاملات سلوكها، بحيث لم تعد تستخدم لولادة أطفالها سوى كهوف تحت الماء، ذات مداخل يتعذر على الإنسان الوصول إليها.

   إضافة إلى ذلك، فإن الكهوف التي تستخدمها الفقمات في العادة، توجد في مناطق ساحلية وعرة ونائية، ما يجعل مراقبتها أكثر صعوبة. لكن دراسة جديدة أجراها باحثون من “جامعة إكستر” البريطانية و”جمعية حماية السلاحف” Society for the Protection of Turtles (Spot)، استخدمت  كاميرات خاصة لتأكيد تكاثر تلك الحيوانات في كهوف تحت الماء شمال قبرص، سجلت ولادة ما لا يقل عن ثلاثة من صغارها في كهف واحد ما بين العام 2016 والعام 2019.

وأشار الباحثون إلى أن هنالك كهوفاً معينة تعد مناسبة لتربية فقمات الراهب المتوسطية وتشكل موئلاً تستريح فيه. وبسبب قلة عددها، يتعين اتخاذ تدابير عاجلة لحماية تلك الكهوف.

الدكتور روبن سنيب من “مركز البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي” Centre for Ecology and Conservation في “جامعة إكستر” الواقع في بلدة بنرين في مقاطعة كورنوال الإنجليزية، نبه إلى أن “الخط الساحلي في تلك المنطقة (القبرصية)، يشهد تطويراً عمرانياً ذات إيقاع سريع، لا سيما لجهة بناء الفنادق”.

    وأضاف أن “مسحاً لتلك المنطقة الساحلية أجري في العام 2007، كشف عن وجود 39 كهفاً محتملاً لتكاثر حيوانات الفقمة، وقد تم حتى الآن تدمير بعضها”. وأوضح أن “الموقع الرئيسي للتكاثر الذي حددناه في هذه الدراسة، لا يحظى بأي حماية. ونحن نعمل مع السلطات المحلية في محاولة لتغيير هذا الواقع”.

أما المؤلفة الرئيسية للبحث الدكتورة داملا بيتون التابعة لـ “جمعية حماية السلاحف” Spot، فأكدت وجود “تهديد رئيسي آخر لفقمات الراهب المتوسطية في تلك المنطقة، وهو الصيد العرضي (يتم اصطيادها من غير قصد بواسطة شراك صيد الأسماك)”.

    وقالت: “إننا نعمل مع الصيادين والوزارات الحكومية المعنية، على ضمان قيام موائل حماية للفقمات في البحر، لأنه في الوقت الراهن لا يتم تطبيق أي إجراءات من شأنها تقليل ممارسات الصيد العرضي في المناطق الأساسية التي تستخدمها هذه الحيوانات”.

   تجدر الإشارة أخيراً إلى أن فريق البحث قام حتى الآن بمراقبة طويلة الأمد لكهوف التكاثر، بهدف تحديد حجم مجموعات الفقمات هذه وأعدادها. وفيما كانت هذه الأنواع في الماضي مستهدفة في عمليات الصيد، أصبحت في العقود الأخيرة تتعرض للقتل بسبب الضرر الذي يمكن أن تلحقه بشباك الصيادين.

(البحث تم نشره في مطبوعة “أوريكس – المجلة العالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي”Oryx – The International Journal of Conservation)

                                                                                                     independentarabia

0 الردود على "اكتشاف موقع خفي لنوع من حيوانات الفقمة الأكثر ندرة في العالم"

اترك رسالة

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2017 © جميع الحقوق محفوظة للرابطة المحمدية للعلماء 

X