شكلت البيئة موضوع الحوار الذي أجرته كل من الطفلة فاتحة غازي [تسع سنوات] وأصالة اسلالو [تسع سنوات] من نادي البيئة بوحدة الفطرة بالرابطة المحمدية للعلماء مع الدكتور جمال محفوظ الكاتب العام لقطاع البيئة في وزارة الطاقة والمعادن والماء..
فاتحة غازي: هل تتحمل الأسرة كامل العبء في التوعية البيئية للأطفال بتكامل مع دور المدرسة؟
الدكتور جمال محفوظ: تلعب الأسرة دورا محوريا في بناء جيل الغد الذي يمتلك القيم والسلوكيات الإنسانية التي تمكنهم من التعامل الصحيح مع البيئة، وأيضا صنع القرارات الايجابية في التصدي لقضايا بيئية حساسة نتيجة حسهم ووعيهم البيئي الذي غرسته فيهم الأسرة منذ النشء..
في الحقيقة يجب أن تتحمل الأسرة هذا العبء في المجتمع المغربي لأنها في غالب الأحيان لا تتحمل هذه المسؤولية؛ فالتوعية البيئية تأتي بعد العبء الاجتماعي والاقتصادي، حيث إن البيئة آخر ما يُفَكر فيه، ذلك أن العبء الاقتصادي يعني أن الإنسان عليه أن يعمل لكي يعيش؛ والعبء الاجتماعي هو أنه يأكل ويساعد من حوله.. وأعتقد أن العبء البيئي يجب أن يحضى بالأسبقية.. هل سمعتم أبنائي بالتنمية المستدامة؟ هي أننا نتنمى اقتصاديا واجتماعيا، ولكن هذا كله مع المحافظة على البيئة والثروات الطبيعية للبلاد. نتنمى ولكن نحافظ على الثروات.
فاتحة [معقبة]: نستعمل الموارد ولكن بحدود إذن..
الدكتور جمال محفوظ: نعم نستعمل الموارد بحدود، نحن بحاجة إلى عقلانية تدبيرية وبدون تبذير من أجل أن نحافظ عليها للأجيال القادمة. والمغرب منخرط في سياسة التنمية المستدامة، لذلك يجب أن نهتم بهذا العبء البيئي بالمحافظة على البيئة والثروات..
أصالة أسلالو: كيف يمكننا تنشئة جيل قادر على تحمل المسؤولية لمواجهة مخاطر كالتغيرات المناخية؟
الدكتور جمال محفوظ: المغرب واع بأن مستقبل الإنسانية رهين بالعناية بالأجيال القادمة، ولتحقيق ذلك يجب علينا العناية بالسلوك البيئي للطفل الذي سيكون له أثر مستقبلي يشمل محيطه الواسع.. وبذلك نكون قد تمكنا من إيجاد مجتمع فعال قادر على إيجاد الحلول لأي مشكلة قد تهدد بيئتنا..
وأؤكد على ضرورة التعاون الاجتماعي لأن الإنسان يعيش في بيئة اجتماعية، ويجب عليه أن لا يهتم بنفسه فقط بل بمحيطه كذلك، الشيء الذي يؤدي للتضامن الاجتماعي أو ما يسمى بالتماسك الاجتماعي بما فيه التكافل، كل واحد يتكفل بالآخر، مع استحضار عنصر التربية البيئية لأنها مفتاح التغيير على المدى الطويل لتنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا..
فاتحة غازي: هل يمكن للتربية البيئية أن تكسب للطفل جملة من القيم والمبادئ التربوية الكفيلة بحماية سليمة للبيئة وتنميتها؟
الدكتور جمال محفوظ: لقد أشرت في بداية هذا اللقاء أن غياب التربية البيئية السليمة في الأوساط الاجتماعية رهين بوقوع خلل بيئي خطير، مما سينتج عنه اختلال مضطرب في التوازن البيئي، فمند صدور الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي بين أن التنمية البشرية لا يمكن فصلها عن الانشغالات البيئية؛ لأنها جوهر التنمية وهدفها الأسمى، كما أن هذا الميثاق من جانب آخر يسهر على تحديد الحقوق والواجبات إزاء البيئة، وكذا مبادئ وقيم التنمية المستدامة من أجل ضمان هذه الحقوق والقيم وحمايتها بشكل أفضل ضد أي إخلال.
ولا يفوتني أن أبين لكم في هذا اللقاء بأن المغرب منخرط في عديد من الاتفاقيات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بالتنوع البيولوجي والتغيرات المناخية ومحاربة التصحر مساهمة منه في تحسين الحكامة البيئية الدولية المتوازنة.
أصالة أسلالو: ماهي الخطوات العملية التي تقوم بها مؤسستكم لحماية البيئة؟
الدكتور جمال محفوظ: وعيا من قطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن بالتزامات المملكة المغربية الدولية في إطار قمم الأرض المنعقدة في ريو دي جانيرو (1992) وجوهانسبورغ (2002) والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وضعنا السياسات والاستراتجيات اللازمة منها؛ سياسة حماية البيئة، وتثمين البيئة والتنمية المستدامة، التي تسهر عليها الوزارة من خلال البرامج التي تطورها..
ففي إطار سياسة حماية البيئة التي تهدف إلى حماية الصحة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوث، ودعم مختلف القطاعات الاقتصادية لدينا عدة برامج منها على سبيل المثال لا الحصر: البرنامج الوطني لتدبير النفايات الصلبة والنفايات الخطيرة، البرنامج الوطني لمعالجة الصرف الصحي، البرنامج الوطني لمكافحة تلوث الهواء، البرنامج الوطني لمحاربة الأكياس البلاستكية المستعملة..
أما فيما يخص تثمين البعد البيئي، فإننا نقوم بحماية التراث الطبيعي والثقافي الذي يعكس الهوية الوطنية مع مراعاتنا لتنوعه وهشاشته، لضمان ديمومته. فالمحافظة على البيئة تشمل جوانب معيارية ووقائية وردعية وعلاجية بالإضافة إلى أنشطة الإعلام والتحسيس والتوعية لفائدة المتدخلين..
وقد اعتمد المغرب مفهوم التنمية المستدامة في إستراتيجيته التنموية وذلك لكونها تعزز التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وذلك بهدف تحسين نوعية إطار عيش المواطنين، وتعزيز التدبير المستدام للموارد الطبيعية وتشجيع الأنشطة الاقتصادية التي تحترم البيئة.
كلمة أخيرة لمجلة الفطرة..
إن مجلة الفطرة هي مجلة نوعية، وقد لاحظت ريادتها في تنمية قدرات الطفل للمحافظة على البيئة وانخراطه في التنمية المستدامة، وأنا أشجعها وسأكون من الأطر السباقة لتدعيم هذه المجلة وتدعيم جميع الأطفال أمثالكم..
أحسنت فاتحة
شكرا على المعلومات فاتحة