قاهر الظلام..

   قاهر الظلام..

هو عميد الأدب العربي، غيّر الرواية العربية، كما أبدع في السيرة الذاتية عبر رائعته الأيام التي نشرت سنة 1929 والتي يروي فيها حياته. كما يعد من رموز النهضة والحداثة والحضارة بمصر. يدعى أيضا قاهر الظلام، فما أقسى أن يعيش الإنسان حياته في الظل..

هل عرفتم أحبائي من هو؟؟ إنه الكاتب المبدع طه حسين..

هو سابع أولاد أبيه حسين علي، والذي كان موظفا بسيطا بأحد معامل السكر، وما كاد طه حسين يقبل على سنته الرابعة حتى أصاب الرمد عيناه ليصير أعمى، وتظلم الدنيا أمامه إلى الأبد. أدخله والده كتاب القرية للشيخ جاد الرب، وقد أذهل الجميع بسرعته الفذة في الحفظ، وقد كان والده يصاحبه أحيانا لحضور جلسات الذكر، والاستماع لشعر المعلقات لعنترة بن شداد وأبي زيد الهلالي.

التحق سنة 1902 بالأزهر من أجل الاستزادة في العلوم الدينية والعربية. درس فيها مدة أربع سنوات، لكنه شعر بها كأربعين سنة على حد قوله، لعقم المنهج وبقاء التعليم على الطريقة التقليدية دون تطور.

تتلمذ فيها على يد سيد المرصفي، والشيخ مصطفى المراغي، والشيخ محمد بخيت، والشيخ عطا، والشيخ محمد عبده، وقد أثر فيه هذا الأخير كثيرا، كما اعتبره محاربا للتقاليد ومشجعا للتحرر من قيود القديم. ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة 1908 كان من أول من انتسبوا لها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية والعديد من اللغات الشرقية، وظل أنذاك منتظم الحضور لدروس الأزهر الدينية واللغوية حتى سنة 1914 عندما قام بأطروحة الدكتوراة بعنوان “ذكرى أبو العلاء”، وهذا ما أثار ضجة في المجتمع المصري بل البرلمان أيضا، فقد اتهمه أحد أعضائه بالمروق والزندقة والخروج عن الدين الحنيف.

قاهر الظلام..

في العام نفسه، أوفدته الجامعة المصرية لمونبيلييه بفرنسا، للاستزادة والتعمق في العلوم العصرية، فدرس في جامعتها علم النفس الحديث واللغة الفرنسية وآدابها، والتاريخ الحديث، إلى حد سنة 1915، سنة عودته لمصر التي أقام فيها لمدة ثلاثة أشهر، أثار فيها عدة مشاكل واختلاف آراء، حول تدريس الأزهر والجامعات العصرية، ما رنا بالمسؤولين إلى تقرير حرمانه من المنحة المقدمة إليه لتغطية نفقات دراسته بالخارج، لولا تدخل السلطان حسين كامل لإيقاف هذا القرار، فعاد إلى فرنسا مرة أخرى، لكن بباريس هذه المرة، فدرس بجامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في التاريخ اليوناني والروماني وعلم الاجتماع والتاريخ الحديث. وأعد خلالها أطروحة دكتوراه الثانية” الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون”. كل ذلك سنة 1918، إضافة إلى أنه أنجز دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني الذي حصل فيه على درجة الامتياز. كما التقى فيه بزوجته وصديق حياته: سوزان بريسو، الفرنسية السويسرية التي ساعدته على التعمق في اللغتين الفرنسية واللاتينية، مما ساعده في الاطلاع أكثر على الحضارة الغربية.

إن هذه المرأة، هي النور في ظلام دنيا طه حسين، كانت له الزوجة والصديقة والقارئ والمؤنس، مؤكدة بذلك على أن وراء كل رجل عظيم امرأة.. كانت تقرأ له المراجع الذي يحتاجها، كما أمدته بكتب المرقونة بطريقة برايل حتى يقرأ بنفسه، وقد قال عنها: “منذ سمعت صوتها لم أعرف الألم”..

وللحديث بقية..

12 يوليو، 2017
49 مشاهدات

0 الردود على "قاهر الظلام.."

اترك رسالة

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2017 © جميع الحقوق محفوظة للرابطة المحمدية للعلماء 

X